languageFrançais

هل تنجح الحكومة في بلوغ صفر دعم للوقود نهاية 2023؟

تقوم الحكومة التونسية منذ فترة طويلة بدعم وتأمين الاحتياجات الوطنية من المحروقات (البنزين والديزل وغاز البترول المسال) الذي يستخدم على نطاق واسع في النقل والتدفئة والطهي إضافة إلى الغاز الطبيعي الذي يستخدم لتوليد الكهرباء، وتعتمد تونس بشكل كبير على واردات الطاقة، حيث أنّ إنتاج الطاقة المحلي في البلاد محدود حسب ورقة تحليلية للمعهد العربي لرؤساء المؤسسات، يفسّر من خلالها الخيارات التي اعتمدتها بعض الدول العربية، ومن بينها تونس في إطار توفير حاجياتها الطاقية، ودراسة الآثار الاقتصادية المترتبة عن إلغاء الدعم عن الطاقة.

ووفقا لوكالة الطاقة الدولية فقد بلغ إجمالي إمدادات الطاقة لعام 2019 ما يقدّر بـ 5.5 مليون طن من المكافئ النفطي ومن هذا المبلغ كان 3.7 مليون طن ( 67 بالمائة) من الواردات في حين أن 1.8 مليون طن ( 3.3 بالمائة) من الإنتاج المحلي.

وفي عام 2021، استوردت تونس الغاز الطبيعي من الجزائر بنسبة 45 % لتلبية احتياجاتها لتوليد الكهرباء وهو أقلّ من العام السابق الذي كان بنسبة 57%، بالإضافة إلى ذلك يتم الحصول على الغاز المحلي من المشاريع التي تديرها الشركة التونسية للأنشطة البترولية والشركات الأجنبية لذلك في أوائل عام 2020 بدأ حقل نوارة بالإنتاج وهو حقل محلي لإنتاج الغاز ومن المتوقع أن يقلل الحقل من عجز الطاقة بنسبة 20 % وواردات الغاز بنسبة 30 % عندما يصل إلى ذروة إنتاجه.

وفي السنوات الأخيرة شهدت أسعار الطاقة العالمية ارتفاعا في السوق الدولية وأصبحت تكلفة دعم الوقود تحمل عبئا كبيرا على الاقتصاد التونسي نظرا للنمو الواضح للاستهلاك المحلي للطاقةلتبلغ قيمة دعم الطاقة في عام 2022 ما يقارب 4.1 مليار دولار اي ما يعادل 9.1 % من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بالعام السابق فقد بلغت قيمة الدعم مايقارب 3.9 مليار دولار أي مايعادل 8.7 % من الناتج المحلي الإجمالي وبلغ الناتج المحلي الإجمالي بالدولار 46.69 مليار دولار.

وفي الوقت الحاضر تواصل تونس دعم البنزين ووقود الديزل مع تنفيذ مبادرات مختلفة لإلغاء دعم الوقود بهدف الوصول إلى صفر دعم بحلول نهاية عام 2023 للبنزين والغازوال أما غاز البترول المسال فسيتم رفع  الدعم عنه بحلول عام 2026 وفقا لبرنامج إصلاح الدولة مع صندوق النقد الدولي و كذلك تخطط ميزانية الدولة عام 2023 للتخلص التدريجي من دعم الوقود بنسبة 25.7 بالمائة ليصل إلى 5.669 مليون دينار (1.8 مليار دينار) مقارنة بـ 7.628 مليون دينار (2.5 مليار دولار ) في عام 2022.

وفي ظلّ صعوبة المعادلة بين رفع الدعم عن المحروقات والمحافظة على المقدرة الشرائية للمواطنين التونسيين، يُوصي المعهد العربي لرؤساء المؤسّسات في هذه الورقة التقيمية على ضرورة استمرار توفر الطاقة المتجددة للجميع وعدم احتكارها من قبل عدد قليل من الشركات الكبيرة وذلك  لتعزيز المنافسة مما ينعكس إيجابا على المستهلكين والبيئة على المدى البعيد وكما ينبغي على تونس وبقية الدول العربية غير البترولية أن تدرك قيمة اتخاذ الإجراءات والتنفيذ الفعال للمبادرات الرامية إلى الحدّ من الاعتماد على الاستيراد الكبير لمصادر الطاقة بالتالي خلق مستقبل أكثر استدامة للمنطقة والعالم.